جاءتني صغيرتي لأساعدها في حل الواجب المدرسي
فقلت لها : أمك ، ثم أمك ، ثم أمك ، ثم أبوك ...
فقالت لي مستغربة : ماذا تقصد يا أبي ؟
قلت : ألا تحفظين الحديث ؟، قالت بلى أحفظه .!
قلت : إذاً بعد ثلاث واجبات تحلهن أمك تأتي نوبتي ..
حكّت رأسها مستغربة من تصرفي ..
قلت لها : لا تستغربي أتريدين أن تحصل أمك على هذه المكانة العالية
من الله " ببلاش " دعيها تشتغل قليلاً ..
ألم يقل عنها الشاعر :
الأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
فاذهبي إلى مدرستك لتعلمك وتطيب عرقك .!!
هذه الطرفة وطرف غيرها من الطرائف اليومية التي قد تحدث بين الآباء
والأمهات في البيوت و الشد والجذب بينهما فيمن هو صاحب الدور الأعظم في
تربية وتعديل سلوك الأطفال الأم أو الأب ؟
هي بالنسبة لي حقيقة واقعية وقناعة راسخة في عظمة دور الأم في حياة الطفل
وليس فقط مجرد مزحة أمزحها مع أطفالي ..
فلو رجعنا إلى الوراء ونظرنا في سيرة أعظم أئمة وعلماء الإسلام لوجدنا العجب
فهاهو الإمام مالك بن أنس يكبر يتيماً ويخرج من تحت
عباءة أمه المرأة العظيمة
عالية بنت شريك الأزدية ويجلس للفتوى وهو لم يبلغ بعد إحدى
وعشرين سنة ، بل وقصده العلماء لينهلوا منه ويحدثوا عنه
وهو بعد شاب طري .
ويكفيه فخراً ماقاله عنه أبو عبد الله الحاكم : ما ضربت أكباد الإبل من
النواحي إلى أحد من علماء المدينة دون مالك .
وهاهو الإمام الشافعي يولد يتيماً في غزة على الرغم من أنه قرشي وأصله
من مكة، فقد خرج والده إلى غزة بحثاً عن الرزق فمات هناك تاركاً
زوجته وابنه في الغربة .
فهل أضاعت هذه المرأة العظيمة الأمانة ؟
أم تخرج من بين يديها من قيل أنه مجدد الإسلام على رأس مائة سنة ؟
لم تكن أم الشافعي عالمة
ولم تكن سيدة من سيدات المجتمع المخملي اللواتي يشار إليها بالبنان
ولم تكن صاحبة مال وجاه وثروة
ولم تكن تعرف اللغات ولا النت ولا البلوتوث ولا وسائل الاتصال
لم تدرس النظريات الفلسفية ولا حضرت الندوات التربوية
ولا الورش التدريبية ولا الدورات التعليمية ..
ولكنها رغم هذا وذاك كانت تحمل هدفاً وجدته عظيماً عظم هذه الدنيا بما
فيها ، هدفاً سامياً تعلمته من كتاب ربها وسنة نبيها ، هذا الهدف هو
تحقيق الآية " قووا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة )
وهدف آخر تعلمته من قوله تعالى : " إنما يخشى الله من عباده العلماء "
فعلمت أن الاتقاء والخشية والعلم تبدأ بحفظ القرآن وحفظ سنة
رسول الله وأحاديثه
لذا قررت هذه المرأة الذكية العودة إلى مكة لتحافظ على نسب
ابنها العالي الغالي فهو يلتقي ببيت النبوة ، ثم لكي تحقق هدفها في
تعليمه وتحفيظه في بيئة تساعده على ذلك ، وفعلاً حققت ما أرادت
فحفظ الصغير محمد القرآن وهو ابن سبع بل وعرفه الناس بشجو صوته
في القراءة .
قال ابن نصر : كنا إذا أردنا أن نبكي قال بعضنا لبعض : قوموا إلى
هذا الفتى المطلبي يقرأ القران ، فإذا أتيناه (يصلي في الحرم )
استفتح القران حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم
بالبكاء من حسن صوته فإذا رأى ذلك أمسك من القراءة .
هل تركته أمه واكتفت بذلك ؟؟
لم تتركه أمه لذلك ولم تكتف بما حصل له من علم وشهرة بل رحلت به
إلى المدينة لينهل العلم من عالمها الأوحد الإمام مالك ، فحفظ الموطأ
وهو ابن ثلاث عشرة سنة .
فلله درها من أم عظيمة عرفت من أين يؤكل الكتف .
نعم فقد كانت تأتيه بعظام أكتاف الإبل العريضة ليكتب عليها
برغم إن ذلك كان مدعاة سخرية عند أقرانه ، ولكنه الفقر والحاجة
للورق ، وما كان أقرانه الساخرون يدركون أن هذا الفتى سيكون
له يوماً ما شأنٌ عظيمٌ ، وسيكون إماماً من أئمة المسلمين ا
لعظماء ، الخالدين في القلوب .
وكل الفضل بعد الله تعالى لتلك الأم التي أحسنت وأجادت رسم
الخطة الإستراتيجية دون ورقة أو قلم أو حتى طبشورة ..
ثم تعالوا بنا نتحول إلى إمام أهل السنة الذي قال فيه الإمام الشافعي :
"خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم
ولا أفقَهَ من ابن حنبل".
و يقول فيه إبراهيم الحربي،: "رأيت أحمد ابن حنبل، فرأيت كأنّ الله
جمع له علم الأوّلين والآخرين من كل صنف يقول ما يشاء
ويمسك عمّا يشاء". ولم يكن ابن حنبل يخوض في شيء
مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا.
فإن كان الإمام مالك قد ترعرع يتيماً بعد أن عاش في كنف
أبيه برهةً من الزمن والإمام الشافعي دخل في عداد الأيتام
وهو ابن الثانية من العمر
فإن الإمام أحمد شاء الله أن يتوفى والده قبل مولده،
فانبرت أمه لتقوده وترعاه وتربيه وتعلمه ليتخرج بعد من مدرستها وجامعتها
فيكون إمام أهل السنة وعالمها الأوحد ..وأول من
اعتلى منصب قاضي القضاة .
قيل : كان يحضر مجلس الإمام أحمد خمسة آلاف طالب ، ( 500 ) كانوا
يكـتبون العلم ، والبقية ينظرون إلى أدبه وأخلاقه وسَمْتِـهِ
ومن فتش في التاريخ أكثر وأكثر سيجد أن الأم وراء أغلب صانعي التاريخ
وعظماء الدنيا ..
سيجد سلسلة بعد هؤلاء تبدأ من الإمام البخاري ولا تنتهي عند ابن
باز رحمة الله عليهم أجمعين
فهل علمتم الآن لم يحشد أعداء الإسلام طاقاتهم المادية والمعنوية في تخريب
المرأة المسلمة وما يبذلونه من جهود جبارة لكي يجعلوا المرأة
ألعوبة ،وتافهة في تفكيرها ومنطقها بإشغالها بالموضة والتجميل
وشد الوجه والبطن ، وترصيص الأسنان ، بل وأدخلوها ملاعب
الكرة وأقحموها في أعمال الرجال وهواياتهم ..؟
هم علموا أنها الحصن الحصين والجدار المنيع في الأسرة المسلمة والمدرسة
بل الأكاديمية المنتجة لكل عظيم فاتجهت معاولهم إليها ليهدموها وليقلعوها من جذورها .
فالأم نبع الحنان الدائم والعطف القائم والحب الأبدي
إنها المدرسة التي تعلم دون مقابل والنور الذي ينير دروبنا في ظلام
الدهر والشمعة التي تحترق لأجل أولادها هي العطاء والبذل والتضحية
هي المدرسة ومصنع القادة الأفذاذ والعلماء وباني الأمة وعظمائها
فلك مني أيتها الأم أجل تحية وأعظم تقدير ولك الحب كله والإعزاز
كله والتقدير كله
فقلت لها : أمك ، ثم أمك ، ثم أمك ، ثم أبوك ...
فقالت لي مستغربة : ماذا تقصد يا أبي ؟
قلت : ألا تحفظين الحديث ؟، قالت بلى أحفظه .!
قلت : إذاً بعد ثلاث واجبات تحلهن أمك تأتي نوبتي ..
حكّت رأسها مستغربة من تصرفي ..
قلت لها : لا تستغربي أتريدين أن تحصل أمك على هذه المكانة العالية
من الله " ببلاش " دعيها تشتغل قليلاً ..
ألم يقل عنها الشاعر :
الأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
فاذهبي إلى مدرستك لتعلمك وتطيب عرقك .!!
هذه الطرفة وطرف غيرها من الطرائف اليومية التي قد تحدث بين الآباء
والأمهات في البيوت و الشد والجذب بينهما فيمن هو صاحب الدور الأعظم في
تربية وتعديل سلوك الأطفال الأم أو الأب ؟
هي بالنسبة لي حقيقة واقعية وقناعة راسخة في عظمة دور الأم في حياة الطفل
وليس فقط مجرد مزحة أمزحها مع أطفالي ..
فلو رجعنا إلى الوراء ونظرنا في سيرة أعظم أئمة وعلماء الإسلام لوجدنا العجب
فهاهو الإمام مالك بن أنس يكبر يتيماً ويخرج من تحت
عباءة أمه المرأة العظيمة
عالية بنت شريك الأزدية ويجلس للفتوى وهو لم يبلغ بعد إحدى
وعشرين سنة ، بل وقصده العلماء لينهلوا منه ويحدثوا عنه
وهو بعد شاب طري .
ويكفيه فخراً ماقاله عنه أبو عبد الله الحاكم : ما ضربت أكباد الإبل من
النواحي إلى أحد من علماء المدينة دون مالك .
وهاهو الإمام الشافعي يولد يتيماً في غزة على الرغم من أنه قرشي وأصله
من مكة، فقد خرج والده إلى غزة بحثاً عن الرزق فمات هناك تاركاً
زوجته وابنه في الغربة .
فهل أضاعت هذه المرأة العظيمة الأمانة ؟
أم تخرج من بين يديها من قيل أنه مجدد الإسلام على رأس مائة سنة ؟
لم تكن أم الشافعي عالمة
ولم تكن سيدة من سيدات المجتمع المخملي اللواتي يشار إليها بالبنان
ولم تكن صاحبة مال وجاه وثروة
ولم تكن تعرف اللغات ولا النت ولا البلوتوث ولا وسائل الاتصال
لم تدرس النظريات الفلسفية ولا حضرت الندوات التربوية
ولا الورش التدريبية ولا الدورات التعليمية ..
ولكنها رغم هذا وذاك كانت تحمل هدفاً وجدته عظيماً عظم هذه الدنيا بما
فيها ، هدفاً سامياً تعلمته من كتاب ربها وسنة نبيها ، هذا الهدف هو
تحقيق الآية " قووا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة )
وهدف آخر تعلمته من قوله تعالى : " إنما يخشى الله من عباده العلماء "
فعلمت أن الاتقاء والخشية والعلم تبدأ بحفظ القرآن وحفظ سنة
رسول الله وأحاديثه
لذا قررت هذه المرأة الذكية العودة إلى مكة لتحافظ على نسب
ابنها العالي الغالي فهو يلتقي ببيت النبوة ، ثم لكي تحقق هدفها في
تعليمه وتحفيظه في بيئة تساعده على ذلك ، وفعلاً حققت ما أرادت
فحفظ الصغير محمد القرآن وهو ابن سبع بل وعرفه الناس بشجو صوته
في القراءة .
قال ابن نصر : كنا إذا أردنا أن نبكي قال بعضنا لبعض : قوموا إلى
هذا الفتى المطلبي يقرأ القران ، فإذا أتيناه (يصلي في الحرم )
استفتح القران حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم
بالبكاء من حسن صوته فإذا رأى ذلك أمسك من القراءة .
هل تركته أمه واكتفت بذلك ؟؟
لم تتركه أمه لذلك ولم تكتف بما حصل له من علم وشهرة بل رحلت به
إلى المدينة لينهل العلم من عالمها الأوحد الإمام مالك ، فحفظ الموطأ
وهو ابن ثلاث عشرة سنة .
فلله درها من أم عظيمة عرفت من أين يؤكل الكتف .
نعم فقد كانت تأتيه بعظام أكتاف الإبل العريضة ليكتب عليها
برغم إن ذلك كان مدعاة سخرية عند أقرانه ، ولكنه الفقر والحاجة
للورق ، وما كان أقرانه الساخرون يدركون أن هذا الفتى سيكون
له يوماً ما شأنٌ عظيمٌ ، وسيكون إماماً من أئمة المسلمين ا
لعظماء ، الخالدين في القلوب .
وكل الفضل بعد الله تعالى لتلك الأم التي أحسنت وأجادت رسم
الخطة الإستراتيجية دون ورقة أو قلم أو حتى طبشورة ..
ثم تعالوا بنا نتحول إلى إمام أهل السنة الذي قال فيه الإمام الشافعي :
"خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم
ولا أفقَهَ من ابن حنبل".
و يقول فيه إبراهيم الحربي،: "رأيت أحمد ابن حنبل، فرأيت كأنّ الله
جمع له علم الأوّلين والآخرين من كل صنف يقول ما يشاء
ويمسك عمّا يشاء". ولم يكن ابن حنبل يخوض في شيء
مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا.
فإن كان الإمام مالك قد ترعرع يتيماً بعد أن عاش في كنف
أبيه برهةً من الزمن والإمام الشافعي دخل في عداد الأيتام
وهو ابن الثانية من العمر
فإن الإمام أحمد شاء الله أن يتوفى والده قبل مولده،
فانبرت أمه لتقوده وترعاه وتربيه وتعلمه ليتخرج بعد من مدرستها وجامعتها
فيكون إمام أهل السنة وعالمها الأوحد ..وأول من
اعتلى منصب قاضي القضاة .
قيل : كان يحضر مجلس الإمام أحمد خمسة آلاف طالب ، ( 500 ) كانوا
يكـتبون العلم ، والبقية ينظرون إلى أدبه وأخلاقه وسَمْتِـهِ
ومن فتش في التاريخ أكثر وأكثر سيجد أن الأم وراء أغلب صانعي التاريخ
وعظماء الدنيا ..
سيجد سلسلة بعد هؤلاء تبدأ من الإمام البخاري ولا تنتهي عند ابن
باز رحمة الله عليهم أجمعين
فهل علمتم الآن لم يحشد أعداء الإسلام طاقاتهم المادية والمعنوية في تخريب
المرأة المسلمة وما يبذلونه من جهود جبارة لكي يجعلوا المرأة
ألعوبة ،وتافهة في تفكيرها ومنطقها بإشغالها بالموضة والتجميل
وشد الوجه والبطن ، وترصيص الأسنان ، بل وأدخلوها ملاعب
الكرة وأقحموها في أعمال الرجال وهواياتهم ..؟
هم علموا أنها الحصن الحصين والجدار المنيع في الأسرة المسلمة والمدرسة
بل الأكاديمية المنتجة لكل عظيم فاتجهت معاولهم إليها ليهدموها وليقلعوها من جذورها .
فالأم نبع الحنان الدائم والعطف القائم والحب الأبدي
إنها المدرسة التي تعلم دون مقابل والنور الذي ينير دروبنا في ظلام
الدهر والشمعة التي تحترق لأجل أولادها هي العطاء والبذل والتضحية
هي المدرسة ومصنع القادة الأفذاذ والعلماء وباني الأمة وعظمائها
فلك مني أيتها الأم أجل تحية وأعظم تقدير ولك الحب كله والإعزاز
كله والتقدير كله