عادل إمام... من الحارة إلى السفارة
أجري 50 قرشا في الليلة.. وكنت أمشي من ميدان العتبة إلى بيتنا، لأنني لا أملك تذكرة الأتوبيس
من الحارة إلى السفارة مشوار كفاح طويل لم يكتبه عادل إمام بعد.. صخرة أشبه بصخرة سيزيف حملها الفتى الفقير بدأب من السفح إلى القمة، لقد صار ابن الحارة الشعبية نجما لامعا وسفيرا لأشهر منظمة دولية في التاريخ الحديث.. الطفل المشاغب المولود في مطلع الأربعينيات من القرن الماضي وسط أجواء الحرب والفقر والقمع العائلي صار زعيما، ثريا، صانعا للأخبار، زادا للشاشات وهدفا للعدسات.
لم تكن الرحلة سهلة، ولم تكن قدرا عبثيا، كان عادل يعرف أن صخرته من الممكن أن تتدحرج إلى أسفل في لحظة ليبدأ الرحلة من جديد إذا استطاع، لذا كان يحسب خطواته ولايضع قدمه إلا على أرض صلبة، ومع كل هجوم يتعرض له، لم يكن يرتكن أبدا إلى ماحققه من نجومية أو ثروة أو شهرة او علاقات، كان يفكر بنفس البساطة التي بدأ بها مشوار الحفر في صخر الواقع.. كان يستعيد عزيمة البدايات، ويفكر في الاحتماء بالناس قبل أن يفكر في التوسل لـ»زيوس»
في هذه الحلقات نتعرف على التفاصيل الأسطورية لرحلة عادل إمام، ليس باعتبارها حكايات مسلية عن حياة نجم كوميدي مشهور، ولكن باعتبارها ملحمة تحكي عن حياتنا نحن أكثر مما تحكي حياة عادل وحده.. إنه قصة مجتمع بالكامل، مرآة نرى فيها أنفسنا ونتابع صورة الأب المتسلط والأم الحنون الحامية في صمت، والواقع القاسي، والقدر الذي يضن ويعطي وفق معادلات ولوغاريتمات غامضة، وشيفرات القوة التي نستهين بها قبل ان تفاجئنا بالكثير والكثير وفي مقدمتها الصبر والدأب والأمل..
البداية
ولد عادل إمام في 17 مايو (ايار) من عام 1940 في حي السيدة زينب أحد احياء القاهرة الشعبية، ولا شك ان علاقته بصفات الشهامة والمروءة التي يشتهر بها في الوسط الفني تعود في جزء كبير منها إلى نشأته في ذلك الحي الذي يتمتع اهله بتلك الصفات. وعلي الرغم من عشق عادل امام للتمثيل الا انه لم يلتحق بمعهد التمثيل لدراسته، حيث التحق بكلية الزراعة التي تخرج منها عدد كبير من نجوم الفن في مصر مثل صلاح السعدني وسمير غانم وجورج سيدهم. وانضم اثناء الدراسة إلى فريق التمثيل بالجامعة حيث لفت نظر الفنان عبد المنعم مدبولي فقدمه في مسرحية السكرتير الفني في مشهد قصير. بعدها قدم عادل امام دوره الشهير في مسرحية «انا وهي وهو»، فلم يكن يخطر على بال صانعي هذه المسرحية ان يلفت اليه الانظار بهذا الشكل او يعلق في أذهان الجماهير كما حدث، كان دور عادل امام في هذه المسرحية مجرد سكرتير فؤاد المهندس بطل المسرحية الا ان عادل اضفى على الدور الكثير من التأثير والبهجة عندما اطلق عبارة «بلد شهادات صحيح» وهي العبارة التي رددها الجماهير منذ ذلك اليوم وحتي يومنا هذا، ونجح هذا الدور في وضع عادل امام على اول درجات السينما التي قدمته في العديد من الافلام الكوميدية من بينها عفريت مراتي مع صلاح ذو الفقار وشادية، وأضواء المدينه مع احمد مظهر وشادية، وفتاة الاستعراض مع حسن يوسف وسعاد حسني، و7 ايام في الجنة مع نجاة وامين الهنيدي وحسن يوسف. كان هذا في حقبة الستينات من القرن الماضي وهي التي مثلت مرحلة في تاريخ عادل امام السينمائي اهلته لبطولة اشهر مسرحية في تاريخ المسرح المصري وهي «مدرسة المشاغبين» التي عرضت في منتصف السبعينات وشاركه في بطولتها عدد كبير من النجوم منهم احمد زكي وسعيد صالح وسهير البابلي وحسن مصطفى ويونس شلبي وهادي الجيار. وكانت تلك المسرحية التي استمر عرضها اكثر من خمس سنوات وعرضت في العديد من البلدان العربية، كانت ايذانا ببدء مرحلة جديدة في تاريخ عادل امام السينمائي والمسرحي على حد سواء. ففي السينما صار عادل امام بطل تكتب له الافلام السينمائية وتبدو ادوار النجوم الذين يشاركونه فيها كأدوار مساعدة لدوره وقد شهدت هذه المرحلة ثنائيات عادل امام مع بطلات افلامه وفي مقدمتهم الفنانة لبلبة التي شاركته في عدد كبير من الافلام على رأسها «إحترس من الخط»، «عصابة حمادة وتوتو»، و«خلي بالك من جيرانك». هناك ايضا افلامه مع يسرا ومن اشهرها: «علي باب الوزير»، «الانس والجن»، «الانسان يعيش مرة واحدة»، «الارهاب والكباب»، «المنسي»، «جزيرة الشيطان»، «كراكون في الشارع».
المتتبع لمشوار عادل امام يستطيع ملاحظة تطور نوعية الافلام التي قدمها بدءا من الافلام الكوميدية فقط وهي المرحلة الاولى في حياته وحتى نهاية الثمانينات، مرورا بالأفلام الكوميدية المقدمة في اطار اجتماعي لتعالج قضايا اجتماعية باسلوب ضاحك وهي المرحلة السينمائية الثانية في مشوار عادل امام ومنها كراكون في الشارع الذي ناقش من خلاله مشكلة الاسكان في مصر، والمنسي الذي تناول فيه احلام الطبقة الكادحة وعلاقتها بالمجتمع الذي تعيش فيه، والارهاب والكباب الذي ناقش فيه قضية البيروقراطية وفكرة الأمن في المجتمع، انتهاء بأفلام تم تصنيفها تحت قائمة الافلام السياسية ومنها «طيور الظلام» و«النوم في العسل» و«عمارة يعقوبيان».
التلفزيون
قر والغنى
أجري 50 قرشا في الليلة.. وكنت أمشي من ميدان العتبة إلى بيتنا، لأنني لا أملك تذكرة الأتوبيس
من الحارة إلى السفارة مشوار كفاح طويل لم يكتبه عادل إمام بعد.. صخرة أشبه بصخرة سيزيف حملها الفتى الفقير بدأب من السفح إلى القمة، لقد صار ابن الحارة الشعبية نجما لامعا وسفيرا لأشهر منظمة دولية في التاريخ الحديث.. الطفل المشاغب المولود في مطلع الأربعينيات من القرن الماضي وسط أجواء الحرب والفقر والقمع العائلي صار زعيما، ثريا، صانعا للأخبار، زادا للشاشات وهدفا للعدسات.
لم تكن الرحلة سهلة، ولم تكن قدرا عبثيا، كان عادل يعرف أن صخرته من الممكن أن تتدحرج إلى أسفل في لحظة ليبدأ الرحلة من جديد إذا استطاع، لذا كان يحسب خطواته ولايضع قدمه إلا على أرض صلبة، ومع كل هجوم يتعرض له، لم يكن يرتكن أبدا إلى ماحققه من نجومية أو ثروة أو شهرة او علاقات، كان يفكر بنفس البساطة التي بدأ بها مشوار الحفر في صخر الواقع.. كان يستعيد عزيمة البدايات، ويفكر في الاحتماء بالناس قبل أن يفكر في التوسل لـ»زيوس»
في هذه الحلقات نتعرف على التفاصيل الأسطورية لرحلة عادل إمام، ليس باعتبارها حكايات مسلية عن حياة نجم كوميدي مشهور، ولكن باعتبارها ملحمة تحكي عن حياتنا نحن أكثر مما تحكي حياة عادل وحده.. إنه قصة مجتمع بالكامل، مرآة نرى فيها أنفسنا ونتابع صورة الأب المتسلط والأم الحنون الحامية في صمت، والواقع القاسي، والقدر الذي يضن ويعطي وفق معادلات ولوغاريتمات غامضة، وشيفرات القوة التي نستهين بها قبل ان تفاجئنا بالكثير والكثير وفي مقدمتها الصبر والدأب والأمل..
البداية
ولد عادل إمام في 17 مايو (ايار) من عام 1940 في حي السيدة زينب أحد احياء القاهرة الشعبية، ولا شك ان علاقته بصفات الشهامة والمروءة التي يشتهر بها في الوسط الفني تعود في جزء كبير منها إلى نشأته في ذلك الحي الذي يتمتع اهله بتلك الصفات. وعلي الرغم من عشق عادل امام للتمثيل الا انه لم يلتحق بمعهد التمثيل لدراسته، حيث التحق بكلية الزراعة التي تخرج منها عدد كبير من نجوم الفن في مصر مثل صلاح السعدني وسمير غانم وجورج سيدهم. وانضم اثناء الدراسة إلى فريق التمثيل بالجامعة حيث لفت نظر الفنان عبد المنعم مدبولي فقدمه في مسرحية السكرتير الفني في مشهد قصير. بعدها قدم عادل امام دوره الشهير في مسرحية «انا وهي وهو»، فلم يكن يخطر على بال صانعي هذه المسرحية ان يلفت اليه الانظار بهذا الشكل او يعلق في أذهان الجماهير كما حدث، كان دور عادل امام في هذه المسرحية مجرد سكرتير فؤاد المهندس بطل المسرحية الا ان عادل اضفى على الدور الكثير من التأثير والبهجة عندما اطلق عبارة «بلد شهادات صحيح» وهي العبارة التي رددها الجماهير منذ ذلك اليوم وحتي يومنا هذا، ونجح هذا الدور في وضع عادل امام على اول درجات السينما التي قدمته في العديد من الافلام الكوميدية من بينها عفريت مراتي مع صلاح ذو الفقار وشادية، وأضواء المدينه مع احمد مظهر وشادية، وفتاة الاستعراض مع حسن يوسف وسعاد حسني، و7 ايام في الجنة مع نجاة وامين الهنيدي وحسن يوسف. كان هذا في حقبة الستينات من القرن الماضي وهي التي مثلت مرحلة في تاريخ عادل امام السينمائي اهلته لبطولة اشهر مسرحية في تاريخ المسرح المصري وهي «مدرسة المشاغبين» التي عرضت في منتصف السبعينات وشاركه في بطولتها عدد كبير من النجوم منهم احمد زكي وسعيد صالح وسهير البابلي وحسن مصطفى ويونس شلبي وهادي الجيار. وكانت تلك المسرحية التي استمر عرضها اكثر من خمس سنوات وعرضت في العديد من البلدان العربية، كانت ايذانا ببدء مرحلة جديدة في تاريخ عادل امام السينمائي والمسرحي على حد سواء. ففي السينما صار عادل امام بطل تكتب له الافلام السينمائية وتبدو ادوار النجوم الذين يشاركونه فيها كأدوار مساعدة لدوره وقد شهدت هذه المرحلة ثنائيات عادل امام مع بطلات افلامه وفي مقدمتهم الفنانة لبلبة التي شاركته في عدد كبير من الافلام على رأسها «إحترس من الخط»، «عصابة حمادة وتوتو»، و«خلي بالك من جيرانك». هناك ايضا افلامه مع يسرا ومن اشهرها: «علي باب الوزير»، «الانس والجن»، «الانسان يعيش مرة واحدة»، «الارهاب والكباب»، «المنسي»، «جزيرة الشيطان»، «كراكون في الشارع».
المتتبع لمشوار عادل امام يستطيع ملاحظة تطور نوعية الافلام التي قدمها بدءا من الافلام الكوميدية فقط وهي المرحلة الاولى في حياته وحتى نهاية الثمانينات، مرورا بالأفلام الكوميدية المقدمة في اطار اجتماعي لتعالج قضايا اجتماعية باسلوب ضاحك وهي المرحلة السينمائية الثانية في مشوار عادل امام ومنها كراكون في الشارع الذي ناقش من خلاله مشكلة الاسكان في مصر، والمنسي الذي تناول فيه احلام الطبقة الكادحة وعلاقتها بالمجتمع الذي تعيش فيه، والارهاب والكباب الذي ناقش فيه قضية البيروقراطية وفكرة الأمن في المجتمع، انتهاء بأفلام تم تصنيفها تحت قائمة الافلام السياسية ومنها «طيور الظلام» و«النوم في العسل» و«عمارة يعقوبيان».
التلفزيون
قر والغنى